[قتل الساحر جاء عن عدة من الصحابة]
قال الشارح رحمه الله: [وعن جندب مرفوعاً: (حد الساحر ضربه بالسيف) رواه الترمذي وقال: الصحيح أنه موقوف.
قوله: عن جندب ظاهر صنيع الطبراني في الكبير أنه جندب بن عبد الله البجلي لا جندب الخير الأزدي قاتل الساحر، فإنه رواه في ترجمة جندب البجلي من طريق خالد العبد عن الحسن عن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالد العبد ضعيف.
قال الحافظ: والصواب أنه غيره، فقد رواه ابن قانع والحسن بن سفيان من وجهين عن الحسن عن جندب الخير: أنه جاء إلى ساحر فضربه بالسيف حتى مات، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره.
وجندب الخير: هو جندب بن كعب، وقيل: جندب بن زهير، وقيل: هما واحد كما قاله ابن حبان.
أبو عبد الله الأزدي الغامدي صحابي، وروى ابن السكن من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يضرب ضربةً واحدة فيكون أمةً واحدة).
قوله: (حد الساحر ضربة بالسيف) وروي بالهاء والتاء، وكلاهما صحيح.
وبهذا الحديث أخذ مالك وأحمد وأبو حنيفة فقالوا: يقتل الساحر، وروي ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله وجندب بن كعب وقيس بن سعد وعمر بن عبد العزيز، ولم ير الشافعي القتل عليه بمجرد السحر إلا إن عمل في سحره ما يبلغ الكفر، وبه قال ابن المنذر، وهو رواية عن أحمد، والأول أولى للحديث ولأثر عمر، وعمل به الناس في خلافته من غير نكير].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: (أن اقتلوا كل ساحر وساحرة)، قال: فقتلنا ثلاث سواحر].
قال الشارح رحمه الله: [هذا الأثر رواه البخاري كما قال المصنف رحمه الله لكن لم يذكر قتل السواحر.
قوله: (عن بجالة) بفتح الموحدة بعدها جيم ابن عبدة بفتحتين التميمي العنبري بصري ثقة.
قوله: (كتب إلينا عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة)، وظاهره أنه يقتل من غير استتابة، وهو كذلك على المشهور عن أحمد، وبه قال مالك؛ لأن علم السحر لا يزول بالتوبة، وعن أحمد: يستتاب، فإن تاب قبلت توبته، وبه قال الشافعي؛ لأن ذنبه لا يزيد عن الشرك، والمشرك يستتاب وتقبل توبته؛ ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم].
قال المصنف رحمه الله تعالى: وصح عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت.
وكذلك صح عن جندب.
هذا الأثر رواه مالك في الموطأ.
وحفصة هي أم المؤمنين بنت عمر بن الخطاب، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خنيس بن حذافة، وماتت سنة خمس وأربعين.
قوله: (وكذا صح عن جندب) أشار المصنف بهذا إلى قتل الساحر، كما رواه البخاري في تاريخه عن أبي عثمان النهدي قال: (كان عند الوليد رجل يلعب، فذبح إنساناً وأبان رأسه، فعجبنا! فأعاد رأسه، فجاء جندب الأزدي فقتله)، ورواه البيهقي في الدلائل مطولاً وفيه: فأمر به الوليد فسجن، فذكر القصة بتمامها ولها طرق كثيرة.
قال المصنف رحمه الله: [قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) أحمد: هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، قوله: (عن ثلاثة) أي: صح قتل الساحر عن ثلاثة أو جاء قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: عمر وحفصة وجندباً.
والله أعلم].