للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الإشارة عند ذكر صفات الله تعالى]

قال الشارح رحمه الله: [وقال الإمام أحمد: حدثنا الحسين بن حسن الأشقر قال: حدثنا أبو كدينة عن عطاء بن أبي الضحى عن ابن عباس قال: (مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فقال: كيف تقول يا أبا القاسم يوم يجعل الله السماوات على ذه -وأشار بالسبابة- والأرض على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه؟ كل ذلك يشير بأصابعه، فأنزل الله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}) وكذا رواه الترمذي في التفسير بسنده عن أبي الضحى مسلم بن صبيح به].

وهذا يؤخذ منه: أن الإشارة عند ذكر صفات الله توضيحاً وتبييناً لا بأس به، وأما ما جاء عن البعض أنه قال: لو أن إنساناً قرأ قوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:٦٤] أو ما أشبه ذلك، أو قال: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:١٠] وأشار بيده، فإنه يجب أن تقطع يده؛ لأن هذا تشبيه، نقول: هذا من قول الجهمية الذين لا يريدون أن يسمعوا أوصاف الله جل وعلا وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقراره لهذه الإشارة أولى بالقبول، وقد جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر قالت: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر قبض الله جل وعلا للسماوات والأرض يوم القيامة، فجعل يقول بيده هكذا يمجد الرب نفسه، حتى رأيت المنبر يتحرك من تحته، فقلت: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟).

وكذلك جاء في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: (كانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد، فاطلعت عليها يوماً فوجدت الذئب قد أخذ شاة منها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، فأسفت -يعني: غضبت- فضربتها في وجهها، ثم ندمت -فالإنسان في حالة الغضب يقع في أشياء لا يريدها- ثم ذهبت إلى رسول الله فأخبرته بذلك، فعظم ذلك عليه -يعني: كوني ضربتها- فقلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ فقال: ائتني بها، فأتيته بها، فقال صلى الله عليه وسلم لها: أين الله؟ فأشارت بيدها وقالت: في السماء، فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال: اعتقها فإنها مؤمنة) وهؤلاء يقولون: لو أشارت اليد إلى الله لوجب قطعها؛ لأنهم معطلة، عطلوا الله جل وعلا عن أوصافه تعالى الله وتقدس عما يقولون ويعتقدون.