قال الشارح رحمه الله تعالى: [ظاهر الحديث النهي عن رد السائل إذا سأل بالله، لكن هذا العموم يحتاج إلى تفصيل، بحسب ما ورد في الكتاب والسنة، فيجب إذا سأل السائل ما له فيه حق كبيت المال أن يجاب، فيعطى منه على قدر حاجته وما يستحقه وجوباً، وكذلك إذا سأل المحتاج من في ماله فضل فيجب أن يعطيه ما يدفع حاجته على حسب حاله ومسألته، خصوصاً إذا سأله بالله من لا فضل عنده، فيستحب أن يعطيه على قدر حال المسئول بما لا يضر به ولا يضر عائلته، وإن كان مضطراً وجب أن يعطيه ما يدفع ضرورته.
ومقام الإنفاق من أشرف مقامات الدين، وتفاوت الناس فيه بحسب ما جبلوا عليه من الكرم والجود، وضدهما من البخل والشح، فالأول: محمود في الكتاب والسنة، والثاني: مذموم فيهما.
وقد حث الله تعالى عباده على الإنفاق لعظم نفعه وتعديه، وكثرة ثوابه، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:٢٦٧ - ٢٦٨]].
يقول العلماء: الفحشاء هنا المقصود بها: البخل، أي: أنه يأمر بالبخل وعدم النفقة.