للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جواز الإتيان بأحد أنساك الحج الثلاثة اتفاقاً

ولكن الصواب: أنه يجوز أن يأتي الإنسان بنسك من الأنساك الثلاثة وهذا باتفاق العلماء الذين عليهم مدار الفتوى، فاتفقوا أنه يجوز أن يكون الحاج متمتعاً ويجوز أن يكون قارناً ويجوز أن يكون مفرداً، وأنه ليس حتماً، وإنما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم اليسر والسهولة بالناس، غير أن الأفضل في الأنساك أن يكون الإنسان متمتعاً لاسيما إذا جاء من بعيد أو كان هذا أول حج يحجه ولم يسق هدياً فالأفضل في حقه أن يكون متمتعاً.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: اتفق العلماء على أن الإنسان إذا كان يرتاد مكة في السنة -يعني: قد جاء بالعمرة في هذه السنة التي يحج بها- أن الأفضل في حقه أن يأتي بالحج مفرداً، هذا بالاتفاق، ثم ذكر قول أبي بكر وعمر وأنهم أرادوا أن يأتي الإنسان في السنة نفسها بعمرة، ثم يأتي بالحج مفرداً وذلك حتى يكثر رواد البيت وطوافه، والآن في هذه الأوقات والحمد لله لكثرة الخير والأمن والسعة للناس صار كما هو معلوم.

بل إن الإنسان يخشى على نفسه من كثرة الزحام عند البيت في الطواف وغيره، فإذا أتى الإنسان بالحج والعمرة مفرداً فبها، وإن أتى بالحج متمتعاً فهذا أولى وأفضل له، أما إذا كان يعتمر في رمضان أو في غير رمضان من السنة فالأفضل في حقه أن يأتي بالحج مفرداً، وقد قال كثير من المفسرين من الصحابة وغيرهم في قول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:١٩٦]، قالوا: إتمام الحج والعمرة: أن تأتي بكل واحد منهما بسفرة تامة، فهذا إتمامها.