للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله: (ومن دعاكم فأجيبوه)]

قوله: (من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومن دعاكم فأجيبوه) الدعوة هنا مطلقة سواء كانت في طعام -يعني: وليمة عرس- أو غيرها مما يريد إكرامه بها، وهذا من حق المسلم على المسلم، إذا دعاه يجيبه، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإجابته، وكان صلى الله عليه وسلم يجيب الداعي حتى قال: (لو دعيت إلى كراع لأجبت)، يعني الشيء القليل الحقير، وهو القدوة لأمته صلوات الله وسلامه عليه.

ولكن قد يكون في الدعوة منكر، فإن علم أن فيها منكر فإنه لا يلزمه الإجابة، إلا إذا علم أنه يستطيع إنكار المنكر وإزالته فإنه يجيب لذلك، أو أن يعلم أن الداعي ماله حرام، فإذا علم أن ماله حرام لا تلزمه الإجابة، أو عرف أنه من أهل البدع والمعاصي الذين يهجرون، فهذا أيضاً لا يجيبه، أما إذا كان ظاهره الإسلام، وليس عنده بدع، وإن كان هناك شبهات في ماله فالشبهة لا تمنع من إجابة دعوته، يجاب لأن الشيء الذي يكون عاماً غير معين لا يمنع من معاملته، ولا يمنع كذلك من إجابة دعوته، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجاب يهودياً إلى طعامه، وكذلك أكل من الشاة التي صنعتها اليهودية، وكذلك كان يتعامل مع اليهود، فتوفي صلوات الله وسلامه عليه ودرعه مرهونة عند يهودي بستة آصع من شعير لأهله، واليهود معروفون بأنهم يتعاملون بالربا، وأنهم يأكلون السحت، فلا يمنع ذلك معاملتهم، هذا من ناحية المعاملة العامة.