وقوله:(يا رب كل عبادك يقول هذا) روي بلفظ (يقولون) و (يقول)، وكلاهما جارٍ على القواعد العربية؛ لأن لفظة (كل) تدل على العموم، فإذا قال:(يقولون) فهو لمراعاة هذا المعنى، وإذا قال:(يقول) فهو مراعاة للفظ (كل)؛ لأن لفظها مفرد، فراعى لفظها معرضاً عن معناها، وكل هذا جائز لغة، ولكن المقصود المعنى، والمعنى أن كل عبادك يعرف هذا ويدعوك به ويذكرك به، فأنا أريد شيئاً اختص به لا يعرفه أكثر خلقك أو كلهم تخصني به.
فهذا الذي قصده، ولهذا جاء صريحاً في بعض الروايات أنه قال: أريد شيئاً تخصني به.
ومعلوم أن الإنسان يفرح بالشيء الذي يختص به دون غيره، ولكن هذا الذكر وهذا الدعاء ما أحد يستغني عنه، وهو أفضل من كل ذكر يذكر الإنسان ربه به مع حاجته إليه.
ولهذا يقال بناءً على هذا: إن هذا يدل على أن أنبياء الله وأولياء الله يحتاجون إلى التنبيه إلى فضل هذه الكلمة وعظمها، لهذا كان فيه تنبيه لموسى عليه السلام إلى عظم هذه الكلمة، فكيف بمن عداه؟! كيف بالذين قد لا يفهمون حتى المعاني اللغوية التي دلت عليها فضلاً عن المعاني الشرعية التي جاءت بها الرسل بهذه الكلمة؟ فإنها تتطلب دراسة وبحثاً وفهماً لدعوة الرسل وما جاؤوا به.