[قوله: باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان، الوثن يطلق على ما قصد بنوع من أنواع العبادة من دون الله من القبور والمشاهد وغيرها؛ لقول الخليل عليه السلام:{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}[العنكبوت:١٧]، مع قوله:{قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}[الشعراء:٧١]، وقوله:{قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}[الصافات:٩٥] فبذلك يعلم أن الوثن يطلق على الأصنام وغيرها مما عبد من دون الله كما تقدم في الحديث].
مقصوده أن من العلماء من فرق بين الوثن والصنم، فقال: الوثن هو كل ما تعلق به واتجه إليه بنوع من العبادة، سواء كان قبراً أو شجرة أو مكاناً أو غير ذلك، أما الصنم فهو الشيء الذي يكون مصوراً ومجسداً على صورة رجل أو صورة حيوان أو ما أشبه ذلك، وفرقوا بين الصنم والوثن، فهو يريد بهذا أن يبين أن الوثن يطلق على الصنم وبالعكس؛ ولهذا ذكر الله جل وعلا في موضع الأصنام الأوثان، وهذا يدل على أن هذا هو القول الصواب، وإن كان هذا من الأشياء التي إذا اجتمعت افترقت، وإذا افترقت اجتمعت، وهذا شأن كثير من الألفاظ العامة التي تأتي في اللغة العربية، كثيراً ما يكون هذا شأنها: إذا اجتمعت افترقت في المعنى، وإذا انفرد واحد منها دخل فيه الآخر.