للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طرق معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

ومعرفته لها طرق كثيرة: ومن أهم الطرق التي يتعرف بها على الرسول صلى الله عليه وسلم: سيرته صلوات الله وسلامه عليه، فقد جاء إلى أمة كافرة مشركة وهو وحده، فصار يقول لهم: (قولوا: (لا إله إلَّا الله) تفلحوا)، وإن لم تفعلوا فإن الله جلَّ وعلا سوف يسلطني عليكم، فأقتلكم وآخذ أموالكم، أيمكن أن يأتي رجل واحد ليس معه جند ولا قوة، إلى أمة كبيرة معادية له، فيقول لهم هذا القول وهو وحده؟! معنى ذلك: أنه يغريهم بقتله، ويدعوهم إلى ذلك، ولا يقول ذلك إلَّا من يثق بالله جلَّ وعلا من كان الله معه من كان رسولاً لله، وكذلك من المعلوم عند العقلاء أن الإنسان إذا جاء إلى الناس، وقال: أنا رسول الله، فإنه لا يخلو الأمر من شيئين: إما أن يكون أصدق الناس، وأبر الناس، وأتقى الناس، وأقرب الناس إلى الله، أو يكون أكذب الناس، وأفشل الناس، وأبعد الناس عن الله جلَّ وعلا.

وهل يلتبس هذا بهذا؟! أيمكن أن يلتبس هذا بهذا؟! لا يمكن أبداً؛ لأن مدعي النبوة من أبعد الخلق، ومن أكذب الخلق، ومن أخبث الخلق، أما النبي إذا جاء من الله صادقاً: فهو أبر الخلق، وأصدقهم، وأقربهم إلى الله.

وهذا من الأدلة المعتبرة.

ومنها: كونه يخبر بأمور الغيب يخبر بالشيء، فيقع كما أخبر به صلوات الله وسلامه عليه.

ومنها: كونه يسأل ربه فيعطيه.

ومنها: الآيات التي وقعت على يده، وهي كثيرة جداً، ومن أعظمها: هذا الكتاب الذي جاء به من عند الله.

بهذه الطرق تكون معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم، وليست بمعرفة اسمه وترديده وحفظه، كما قد يغتر به من يغتر.

وكذلك معرفة الله جلَّ وعلا بالأدلة المقنِعة، وهذا أمر لا يحتاج إلى ذكر أدلة؛ لظهوره ووضوحه.

أما معرفة الإسلام فهو بالتعلُّم، فلا بد من تلقيه وتعلُّمه، وهذا أمر يتعين على العبد، فيتعين عليه أن يعرف كيف يعبد الله كيف يصلي كيف يصوم كيف يتوضأ، ولا يجوز أن يكون جاهلاً بهذه الأمور، بحيث لا يدري هل الصلاة ركعتين أو أربع أو ثلاث؟ أو لا يدري ماذا يقول ويفعل في الصلاة؟ فالشيء الذي يتعين على العبد فعله يجب عليه أن يكون حريصاً على معرفته كل الحرص، وليس عيباً أن يسأل وأن يحرص على معرفة الحق، بل هذا يدل على اهتمامه، ويؤجر على ذلك.

قال الشارح رحمه الله تعالى: [والبصير النبيل يدرك الحق من أول دليل، ومن قال قولاً بلا برهان فقوله ظاهر البطلان مخالف لما عليه أهل الحق والإيمان، المتمسكون بمحكم القرآن، المستجيبون لداعي الحق والإيمان، والله المستعان وعليه التكلان].