فالمنفي هو: الذي يزعمه المشركون: أن أصنامهم تشفع لهم.
والمثبت هو: الذي يقع بإذن الله ولمن يوحد الله؛ لأن الشفاعة لا تكون إلَّا لأهل التوحيد:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء:٢٨]، ولما قال أبو هريرة رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم:(من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: من قال: (لا إله إلَّا الله) خالصاً من قلبه) والذي يقول: (لا إله إلَّا الله) خالصاً من قلبه هذا هو الموحد، وهو الذي يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهو أسعد الناس بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أول ما يشفع في الفصل بين الخلق يسبق المخلصون إلى الجنة، ويكونون أسعد أهل الموقف بذلك.
والمقصود: أن الإنسان عليه أن يتعرف على حقيقة شرك المشركين، ويعرف ما هو؛ لأن الذي لا يعرف الشرك يوشك أن يقع فيه وهو لا يدري، والذي لا يعرف الشرك لا يعرف التوحيد، فهذا مهم جداً.
قال الشارح رحمه الله: [وأما هؤلاء المشركون فاعتقدوا في أهل القبور والمشاهِد ما هو أعظم من ذلك، فجعلوا لهم نصيباً من التصرف والتدبير، وجعلوهم معاذاً لهم وملاذاً في الرغبات والرهبات {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الحشر:٢٣]].
يعني: أن عباد القبور يسألون الإنسان المدفون في القبر -الذي صار لحمه تراباً وعظامه متفتتة- كما يُسأل الفرد الصمد، تعالى الله وتقدس، فيقال له: انفعنا وأعطنا، ونحن بحسَبك، ونحن داخلون عليك، ونحن جئناك لكذا ونحن ونحن إلخ فإن قُدِّر ووقع القدر الذي قدره الله، وحصل لهم مرادهم أضافوا هذا إلى ذاك الولي، وقالوا: هذا الذي ينبغي أن يُدعى، وأن يُتَقَرب إليه، أما إذا لم يقع لهم ما يريدون فإنهم يعودون على أنفسهم ويقول: لم يكن اعتقادنا بالولي صادقاً، أو إن الولي غير راضٍ عنا؛ لأنا ما أدينا حقه الذي ينبغي، فيزدادون شركاً: سواءً حصل مرادهم أو لم يحصل مرادهم، نسأل الله العافية.