قال الشارح رحمه الله: [قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}[النساء:٦١] بين تعالى أن هذه صفة المنافقين، وأن من فعل ذلك أو طلبه وإن زعم أنه مؤمن فإنه في غاية البعد من الإيمان.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: هذا دليل على أن من دعي إلى تحكيم الكتاب والسنة فأبى أنه من المنافقين.
قوله:(ويصدون) لازم، وهو بمعنى (يعرضون)؛ لأن مصدره صدوداً].
أي: أنه لازم، ولو كان متعدياً لكان مصدره (صداً)، فإذا كان مصدره (صدوداً) دل على أنه لازم، يعني أن الصدود لازم لهم، أي أنهم هم الذين يصدون ولم يصدهم غيرهم، فهذا هو معنى كونه لازماً؛ لأن الصد وقع من أنفسهم ولم يقع عليهم من غيرهم؛ إذ لو كان واقعاً من غيرهم لكان متعدياً، وكان مصدره (صداً).
قال الشارح رحمه الله:[فما أكثر من اتصف بهذا الوصف، خصوصاً ممن يدعي العلم، فإنهم صدوا عما توجبه الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلى أقوال من يخطئ كثيراً ممن ينتسب إلى الأئمة الأربعة في تقليدهم من لا يجوز تقليده، واعتمادهم على قول من لا يجوز الاعتماد على قوله، ويجعلون قوله المخالف لنص الكتاب والسنة وقواعد الشريعة، هو المعتمد عندهم الذي لا تصح الفتوى إلا به، فصار المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بين أولئك غريباً، كما تقدم التنبيه على هذا في الباب الذي قبل هذا.
فتدبر هذه الآيات وما بعدها يتبين لك ما وقع فيه غالب الناس من الإعراض عن الحق وترك العمل به في أكثر الوقائع، والله المستعان].