قال المصنف رحمه الله:[فيه مسائل: الأولى: تحذير الناس من الغلو].
الغلو هو: تجاوز الحد المشروع، أي: الزيادة على ما شرعه الله جل وعلا سواء كان في الأقوال أو في الأعمال.
ومعلوم أن النقص الذي يدخل على الناس في دينهم يأتي إما من الزيادة في المشروع أو من النقص منه، وعدم القيام به، فيجب على العبد أن يترسم الشرع، ويتبع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر لابد منه في كل عبادة، فإذا لم تكن العبادة مشروعة فهي فاسدة مردودة على صاحبها، ولهذا يقول العلماء: أصل الإسلام ألا يعبد إلا الله، وألا يعبد الله جل وعلا إلا بما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا هو أصل الدين، وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، يعني: لا نتأله بقلوبنا حباً وخضوعاً وذلاً وتعظيماً إلا لله وحده، وتألهنا وعبادتنا لا تكون إلا بأمر الله الذي أمرنا به، فإذا جئنا بشيء غير مأمور فمعنى ذلك أننا ابتدعنا، ويكون عملنا مردوداً كما قال صلوات الله وسلامه عليه:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني: مردود على صاحبه غير مقبول، وغير معتد به، والله جل وعلا يقول في كتابه:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}[الغاشية:٢ - ٥] أخبر أنها تخشع وتنصب وتتعب وتكدح بالعمل، والنتيجة أنها تصلى ناراً حامية! والسبب: أنهم كانوا يتعبدون بالبدع، ويتعبدون بغير ما شرع الله جل وعلا؛ فكان جزاؤهم أنهم في النار، وكل من أراد أن يصل إلى الجنة من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الباب يؤصد دونه، ويصد إلى النار، فلابد أن تكون العبادة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا نزيد فتكون غلواً، ولا نجفو وننقص فتكون معصية.
والعبد يجب عليه أن يلتزم أمر الله جل وعلا، ويتبعه فإن هذا هو الذي جاءت به رسل الله من أولهم إلى آخرهم، ألا يعبد إلا الله، وأن يعبد بالشرع الذي جاءت به الرسل.