للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (وأما ثمود فهديناهم)]

قوله جلَّ وعلا في قوم صالح: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت:١٧] (هديناهم) يعني: بينا لهم بياناً واضحاً ليس فيه لبس؛ لأنهم أجيبوا إلى اقتراحهم الذي اقترحوه، وقد اقترحوا شيئاً كانوا يظنون استحالة وقوعه، فقالوا لنبيهم: ما نؤمن بك حتى تُخرج لنا من هذا الجبل ناقة عظيمة، كلنا يشرب من لبنها ويروى! -كل أهل البلد! - فإذا أخرجت لنا ناقة من هذا الجبل آمنا بك، فأخذ عهودهم ومواثيقهم أن يؤمنوا، فأعطوه ذلك، فسأل ربه، فصار الجبل يتمخض كأنه ناقة، فانفلق عن ناقة عظيمة على الوصف الذي أرادوا، فصاروا كلهم يشربون من لبنها، يشربون مرة واحدة من لبنها، ومعها أيضاً فصيل لها، ومع ذلك كفروا، فهُدوا إلى هذا؛ لأن هذا أمر باهر يضطر الإنسانَ إلى أن يؤمن بالله جلَّ وعلا، ولكن -مع ذلك- لما حكم الله جلَّ وعلا عليهم بالضلالة في قضائه وقدره ما نفعهم هذا، فكفروا بنبيهم وعقروا الناقة، فأخذهم العذاب العاجل.