للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معرفة شأن قصة قوم نوح]

[الثالثة عشرة: معرفة شأن هذه القصة، وشدة الحاجة إليها مع الغفلة عنها].

المقصود بالقصة قصة هؤلاء الذين صوروا هذه الصور، ثم عبدوها فيما بعد، يقول: إنها كثيرة في كتب التفسير والحديث، وهي مشهورة، وفيها إيضاح وبيان؛ لأن الناس وقعوا فيما وقع فيه أولئك، ومع كثرتها والحاجة إليها وكون الناس يقرءونها في الكتب؛ لكنهم يقعون في نفس ما وقع فيه أولئك، فما السبب؟ السبب في الواقع هو كون الإنسان لا يطبق الذي جاء في كتاب الله، وفي أحاديث رسوله على عمل نفسه، ويظن أن هذه الأخبار والوقائع في قوم كانوا ففنوا، وليس لهم وجود ولا وارد، فإذا قيل له مثلاً: لا تفعل كذا وكذا، قال: لا تستدل علي بآيات نزلت في اليهود، أو نزلت في المشركين، وما علم أن فعله هو فعل المشركين تماماً، والقرآن نزل للمستقبل وليس للماضي، نزل ليعمل به، وليتفهمه الإنسان، والذي يحول بين الإنسان وبين فهم كلام الله وفهم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم هو كون الشيطان يأتيه ويقول: لا تطبق هذه الآيات على المسلمين؛ فتكون بذلك قد سلكت مسلك الخوارج، هكذا يقولون! ثم هناك أمور وضعها الشيطان للحيلولة بين الناس وبين فهم كتاب الله، والشيطان قد يكون شيطاناً من الإنس، وليس شيطان الجن فقط، وقد جاءوا مثلاً بشروط وضعوها لمن يريد أن يعرف كلام الله، وما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان، فقالوا: لا بد أن يكون الإنسان عارفاً باللغة العربية، مجملها ومفصلها، وعامها وخاصها، ولا بد أن يكون عالماً بالناسخ والمنسوخ، ولا بد أن يكون عالماً بالفصاحة والبلاغة لا بد أن يكون ذكروا ما يقرب من ثلاثين شرطاً في الإنسان الذي يريد أن يتكلم بكتاب الله أو بحديث رسوله.

يقول شيخ الإسلام: هذه الشروط لا تجتمع في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فيجعلونها حائلاً بين الإنسان وبين فهمه لكتاب الله وهي من الشيطان.