الشفاعة لا تنال المشرك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم -كما تقدم- قال:(كل نبي له دعوة فعجّلها في قومه) يعني: أن يدعو على قومه أن يُصابوا بالعذاب العام، كما فعل نوح عليه السلام فقال:{رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارَاً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرَاً كَفَّارَاً}[نوح:٢٦ - ٢٧]، فاستجاب الله جلَّ وعلا له، وأغرق أهل الأرض جميعاً بدعوته، وكذلك غيره من الأنبياء، فكل نبي له دعوة فعجَّلها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(واختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي، فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئاً)، فبين أنها لأهل الإخلاص لأهل التوحيد، أما الذي يشرك بالله شيئاً فهو ليس أسعد الناس بها بل هو أتعسهم.
ومن المعروف أن السعادة تتفاوت، فهذه في المذنبين سواءً دخلوا النار أو لم يدخلوها، أما أسعدهم بها مطلقاً فهم السبعون ألفاً الذين يسبقون إلى الجنة بلا حساب ولا عذاب؛ لأنهم لا يُدخلون الجنة إلَّا بعد الشفاعة بعد أن يشفع صلوات الله وسلامه عليه، فيأتي الله جلَّ وعلا ليفصل بين عباده ويحاسبهم، فإذا جاء ذهب هؤلاء إلى الجنة، وأول من يذهب إلى الجنة: هؤلاء السبعون ألفاً، وكذلك السابقون، والله جلَّ وعلا قد قسم الناس إلى أقسام ثلاثة: قسمين أهل سعادة.
وقسم أهل شقاء.
فأهل السعادة هم: السابقون وأصحاب اليمين.
فالسابقون هم الذين يسبقون الناس إلى الجنة، ومنهم السبعون ألفاً، فهؤلاء هم أسعد الناس على الإطلاق بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم العظمى الكبرى التي يشفع فيها ليحاسَب الناس.
أما الشفاعة التي تكون في أهل الذنوب سواءً استوجبوا دخول النار، فشُفع فيهم فلم يدخلوها، أو أنهم دخلوا النار فشُفع فيهم بعدما دخلوا النار، فكلهم سعداء بها؛ ولكن أسعد اسم تفضيل، يعني: الذين يسبقون إلى الجنة على الإطلاق.