للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوحيد ومغفرة الكبائر]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى أعطي ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً المقحمات) رواه مسلم].

المقحمات معناها الذنوب الكبيرة التي تقحم صاحبها في النار، فيغفر لمن لا يشرك بالله من أمته هذه الذنوب المقحمات، أما الصغائر فإن الله جل وعلا يغفرها في اجتناب الكبائر، كما صحت بذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودل عليه كتاب الله، قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).

أما الكبائر فهي التي قصد بها المقحمات هنا، فيغفر لمن مات لا يشرك بالله شيئاً المقحمات، ثم هذا معلق بمشيئة الله إن شاء غفر وإن شاء آخذ به.

قال الشارح رحمه الله تعالى: [قال ابن كثير في تفسيره: وأخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر:٥٦] وقال: قال ربكم: أنا أهل أن أتقى، فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً كان أهلاً أن أغفر له)، قال المصنف رحمه الله: تأمل الخمس اللواتي في حديث عبادة، فإنك إذا جمعت بينها وبين حديث عتبان تبين لك معنى قول (لا إله إلا الله)، وتبين لك خطأ المغرورين.

وفيه أن الأنبياء يحتاجون للتنبيه على فضل لا إله إلا الله، والتنبيه لرجحانها بجميع المخلوقات مع أن كثيراً ممن يقولها يخف ميزانه، وفيه إثبات الصفات خلافاً للمعطلة، وفيه أنك إذا عرفت حديث أنس وقوله في حديث عتبان: (إن الله حرم على النار من قال (لا إله إلا الله) يبتغي بذلك وجه الله) تبين لك أنه ترك الشرك، ليس قولها باللسان فقط].