[وجه النهي عن قول: السلام على الله]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: لا يقال السلام على الله.
في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام)].
قوله: (في الصحيح) يعني: الحديث صحيح، وليس المقصود أنه في صحيح البخاري أو صحيح مسلم؛ لأن هذا أعم.
وقوله: (باب لا يقال السلام على الله) يعني: أن هذا يكون من باب التنقص، ومن قال ذلك فإنه يكون ما عرف حق الله، ولا جاء بما يستحقه من التعظيمات والتحميدات والتمجيدات، وذلك أن قولك: السلام على كذا، على فلان، إما أن يقصد به التحية وهو الظاهر في هذا، وهو الذي قصده الصحابة، وإما أن يقصد به الدعاء، يعني: أنك تذكر اسم الله وتطلب بهذا الاسم أن الله يسلم على من سلمت عليه، تقول: لك السلامة، فالسلام عليك يعني: أنا أطلب من الله أن يسلمك من المكاره، ومن العيوب والنقائص.
وقد يكون المعنى: أن السلام اسم من أسماء الله فإذا قلت: السلام عليك يعني: عليك هذا الاسم، وفي ضمنه إعلامك بأني سلم لك، يعني: أني أخوك فلا يأتيك من قبلي مكروه فلتسلم من قبلي، فلهذا يلقي اسم السلام، وإذا لم يسلم عليه قد يلحقه نقص، وقد يلحقه خوف، وقد يلحقه أذى، فيسلم عليه دفعاً لذلك.
فعلى هذا لا يليق بأن يقال: السلام على الله؛ لأن الله كامل لا يلحقه نقص ولا يلحقه أذى، فهو كامل في ذاته، غني بذاته عن كل ما سواه، فالسلام منه، ولا يكون السلام مطلوباً له، بل يطلب منه للمخلوق الناقص، أما الله جل وعلا فهو تام، وهو السلام ومنه السلام.
فمعنى السلام أنه سالم من كل نقص وعيب تعالى الله وتقدس، وهو سالم من الحاجة ومن الافتقار.
فبين المؤلف أنه لو قيل: السلام على الله، فإن هذا ليس من التوحيد، بل هذا نقص في التوحيد؛ لأنه يتضمن التنقص لله جل وعلا، فيكون قدحاً في التوحيد، فأراد أن يبين أن توحيد الله جل وعلا أن يتأدب الموحد مع ربه جل وعلا، فيأتي بالتحميد والتسبيح والتهليل والكلام الذي يناسب، والثناء على الله جل وعلا، وأن يجتنب ما فيه شيء من النقص.
وقوله: (كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)، كنا أو كان: تدل على مزاولة الشيء وتكراره، يقال: كان يفعل كذا، أي: كان يكرر ذلك ويكثر منه.
وقوله: (مع رسول الله) المعية تدل على أن هذا كان في الصلوات؛ لأن معيتهم في الغالب كانت في الفرائض؛ لأنها هي التي يجتمعون فيها ويصلونها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما النوافل فكانت تصلى فرادى، هذا هو الكثير الغالب، ومطلوب أن تكون النوافل في البيت، وأن يكون الإنسان فيها خالياً، ليس عنده أحد، حتى يكون ذلك أدعى للإخلاص، وأقرب إلى أن يكون العمل لله وحده، حيث لا يقصد به رياء ولا سمعة ولا مقاصد أخرى.
أما الفرائض فالطريقة فيها التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الاجتماع في المساجد.