قال الشارح رحمه الله: [قوله: باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك.
الجناب: هو الجانب، والمراد حمايته عما يقرب منه أو يخالطه من الشرك وأسبابه.
قوله: وقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة:١٢٨ - ١٢٩] قال ابن كثير رحمه الله: يقول الله تعالى ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم، أي: من جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ}[البقرة:١٢٩]، وقال تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[آل عمران:١٦٤]، وقال:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ}[التوبة:١٢٨] أي: منكم كما قال جعفر بن أبي طالب للنجاشي والمغيرة بن شعبة لرسول كسرى: إن الله بعث فينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصفته ومدخله ومخرجه وصدقه وأمانته، وذكر الحديث، قال سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ}[التوبة:١٢٨] أي: لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية].
ليس هذا مما نصت عليه الآية، ولكن هذا من مفهومها البعيد، ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبه ينتهي إلى معد بن عدنان، وهذا متفق عليه ولا خلاف في ذلك بين أهل النسب، وكذلك نسب أمه ينتهي إليه، أما ما بعد معد بن عدنان فهذا فيه خلاف لأنه بعيد، والمؤرخون اختلفوا في ذلك إلى إسماعيل بن إبراهيم، ولكن هو من ذرية إسماعيل يقيناً؛ لأن بعض العرب من ذريته.