للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اتخاذ الراية عند القتال]

قوله: (لأعطين الراية) قال الحافظ في رواية بريدة: (إني دافعٌ اللواء إلى رجل يحبه الله ورسوله): وقد صرح جماعة من أهل اللغة بترادفهما.

لكن روى الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن عباس: (كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ولواءه أبيض)، ومثله عند الطبراني عن بريدة، وعند ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وزاد (مكتوبٌ فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله).

هذا شيءٌ معروفٌ من قديم الزمن، أنه عند القتال إذا تقاتل فريقان كل فريق يكون له راية، وتكون علامةً للمقاتلين ينظرون إليها، وما دامت الراية مرفوعة فهم يقاتلون بقوة، فإذا سقطت فهو علامةٌ انهزامهم وعلى أنهم ضعفوا، والأمر في هذا معروف من قديم الزمن، كل قوم يتخذون لهم راية، والرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ راية يجعلها في الجيش، بل كان يتخذ عدداً من الرايات، ولكل قوم يدفع لهم راية يقاتلون تحتها، ويجعل لهم علامةً أيضاً في الكلام يتكلمون حتى يعرف بعضهم بعضاً؛ لأنه عند القتال في ذلك الوقت يختلط بعضهم ببعض، فإذا تكلم أحدهم بالكلام عرف أنه من أصحابه وإلا قد يقتل بعضهم بعضاً؛ لأن الاختلاف يحصل عند الالتحام والقتال، فهذا هو سبب اتخاذ الراية، وإلا فهي لا تنصر ولا تغني شيئاً، وإنما هي علامةٌ يعرف بها المسلم المقاتل أصحابه، وإذا جال في الأعداء رجع إليها، فتكون محلاً للكر والفر.