للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غلو قوم نوح في الصالحين]

ثم ذكر بعد هذا القصةَ التي ذكرها البخاري في صحيحه: فقوله: (في الصحيح) يعني: في صحيح البخاري: عن ابن عباس أن وَداً وسُواعاً ويغوث ويعوق ونسراً كانت أسماء رجال صالحين في قوم نوح، وهؤلاء كانوا قبل بعث نوح عليه السلام على الإسلام كما جاء في الصحيح عن ابن عباس قال: إن عشرة قرون قبل نوح كلهم كانوا على التوحيد.

يعني: أن أولاد آدم سلكوا الحق بعده، وآدم نبي كريم قد كلمه الله جلَّ وعلا بلا واسطة، وأنزله إلى الأرض بالرسالة إلى بنيه.

وكان بنوه على الحق، ومضَوا وقتاً طويلاً على الإسلام لم تحدث فيهم مخالفة، ولم يعبدوا غير الله، حتى طرأت هذه الحادثة، ووُجِد منهم هؤلاء: وَد وسُواع ويغوث ويعوق ونسر أسماء كانت لأناس صالحين، يعني: كانوا مجتهدين، وكانوا قدوة في قومهم، فماتوا واحداً بعد الآخر في زمن متقارب، فأسف عليهم قومهم وجزعوا؛ لأنهم كانوا يقتدون بهم، فإذا رأوهم في اجتهادهم وعملهم الصالح زاد عملهم واجتهدوا كاجتهادهم.

فلما علم الشيطان بأسفهم جاء إليهم بصورة الناصح وهكذا يفسد الشيطان دين الإنسان بكونه يظهر له بأنه يزين له الباطل، وربما جاءه بحق وله فيه أغراض ونظرات بعيدة كما في هذه القصة، فقال لهم: ألَّا تصوِّرون صورهم، وتنصبونها في المجالس التي تجلسون فيها -يعني: مجالس التعبد والذكر- حتى إذا رأيتموهم -رأيتم هذه الصور- تذكرتم أفعالهم، فاجتهدتم كاجتهادهم؟! فاستحسنوا هذه الفكرة وفعلوا ذلك، وبقوا على هذا وقتاً إلى أن ماتوا.