للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة عبادة اللات وقصته]

[السادسة: وهي من أهمها: معرفة صفة عبادة اللات التي هي أكبر الأوثان].

يقصد بهذا قول مجاهد وغيره: إنه كان رجل يلت السويق، يعني: يجعل فيه السمن ويخلطه به ثم يقدمه إلى من أتى إليه، ثم مات فدفن تحت صخرة فعبدوه، وصاروا يطوفون عليها ويعظمونها تعظيماً لذلك الشخص، فقصده بهذا أن هذا الفعل نفسه هو الذي يفعله كثير من الناس اليوم تعظيماً لذلك الميت كما عظم المشركون اللات، وكما أنها عبادة منهم للات فكذلك الذين يصنعون نظير هذا الصنيع للمقبورين اليوم هم يعبدونهم، هذا هو المقصود.

[السابعة: معرفة أنه قبر رجل صالح].

يعني: اللات رجل صالح، سواء كان صلاحه لأنه متبع لدين الله جل وعلا، ومعروف أن العرب كانوا على بقايا من دين إبراهيم، وبعضهم كان حنيفاً ما كان يشرك، مثل زيد بن نفيل ومثل القس بن ساعدة، ومثل ورقة بن نوفل وغيرهم ممن كان المشركون يسمونهم الموحدين؛ لأنهم يجتنبون الأصنام، ولا يأكلون مما يذبح لغير الله، ويتعبدون لله وحده، على حسب طاقتهم واجتهادهم وقدرتهم: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، وقد استدلوا بفطرتهم على أن الشرك لا يجوز، فإذا كان اللات من هذا الصنف فإنه يكون صالحاً، أو أن معنى صلاحه أنه يفعل الخير ويقدمه للناس، ويحسن إليهم، فلما مات فعلوا به ما صاروا به عبيداً له.

[الثامنة: أنه اسم صاحب القبر، وذكر معنى التسمية].

صاحب القبر اللات، يعني: أنه اشتق له هذا الاسم من فعله وهو اللت، وهذا على قراءة التشديد، وقد يكون أيضاً على قراءة التخفيف؛ لأن التخفيف قد يكون لكثرة الاستعمال، وإن كان الأصل فيه أنه مشدد، فهو مأخوذ من اللت، أما على قول ابن عباس في الرواية الأخرى: أنه اشتق له اسم من الله سموه اللات أخذاً من اسم الله جل وعلا؛ لأنه مألوه، فهذا لا ينافي هذا القول، لأنه يجوز هذا وهذا، فإذا كان يلت، فهم كذلك ألهوه، وجعلوه إلهاً مع الله جل وعلا.