للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تلبيس الشياطين الحق بالباطل]

قال الشارح: [قوله: (فيكذب معها مائة كذبة) أي: الكاهن أو الساحر، وكذبة: بفتح الكاف، وسكون الذال المعجمة]: كَذِبة وكِذْبة كلها سواء.

قال الشارح: [قوله: (فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا): هكذا في نسخة بخط المصنف، كالذي في صحيح البخاري سواء.

قال المصنف: وفيه: قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة! وفيه: أن الشيء إذا كان فيه شيء من الحق فلا يدل على أنه حق كله، فكثيراً ما يلبِّس أهلُ الضلال الحقَّ بالباطل ليكون أقبل لباطلهم، قال تعالى: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:٤٢]]: ولولا لبس الحق بالباطل ما انطلى كلام أهل الباطل على أحد؛ ولكنهم يلبسون الكلام، ويزينون الأفعال حتى تنطلي على الناس الذين لا يميزون بين الحق والباطل، ولهذا الله جلَّ وعلا يحب البصر والبصيرة عند الفتن، والفتن تكون بالأقوال والأفعال والشهوات والشبهات، وأعظمها فتن الشبهات، وهذه التي يضل بها كثير من الناس، وسبب ذلك تلبيس الكلام بعضه ببعض والتلبيس معناه: أن يحرف الدليل الذي يدل على الحق ويصرفه حتى يكون دليلاً على الباطل، وهذا كثير في الناس جداً، وهو من الإرث الذي ورثوه عن اليهود، والله جلَّ وعلا ذكر عن اليهود أنهم يلبسون الحق بالباطل، وأحياناً يكتمون الحق، فإذا لم يُكتم وأظهروه خلطوه بباطل حتى لا ينتفع به المنتفع، أو يضل الذي يسمعه ويأخذه، والله جلَّ وعلا لا يقبل باطلاً، وإنما الذي يقبله الحق المحض الخالص.