قال المصنف رحمه الله:[فيه مسائل: المسألة الأولى: الخوف من الشرك.
المسألة الثانية: أن الرياء من الشرك].
المسألة الأولى: الخوف من الشرك، يعني: أن الخوف من الشرك يجب أن يهتم الإنسان به؛ لأن الشرك -كما سبق- فيه أشياء خفية قد يقع فيها الإنسان وهو لا يدري، فينبغي أن يهتم الإنسان به، ويتعرف على مسائل الشرك وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم من تحذيره أمته من الشرك، فإنه صلوات الله وسلامه عليه حريص على هداية الأمة، ويعز عليه عنتها، الشيء الذي يشق عليها يشق عليه صلوات الله وسلامه عليه، فلهذا بين كل ما يخاف أن يقعوا فيه، بينه ووضحه، فإذا رجع الإنسان إلى بيان الرسول صلى الله عليه وسلم تبين له ذلك، فليس فيه خفاء في الواقع، وإنما الخفاء عند الجاهل الذي يجهل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والجاهل يخاف عليه أن يقع فيه.
وأما قوله: إن الرياء من الشرك فهذا الرياء قد يكون من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر، إن كان الرياء يسيراً قليلاً فهذا من الشرك الأصغر الذي يقول العلماء عنه: إذا خالط عملاً من الأعمال أبطل ذلك العمل خاصة، وأما سائر عمل الإنسان فإنه لا يبطل، وإنما يبطل العمل الذي قارنه، هذا إذا كان يسيراً، وإذا كان الرياء عرض للإنسان ثم أعرض عنه وجاهد نفسه في تركه فمثل هذا لا يضره، ولكن الذي يضره إذا استرسل معه، أي: استدعاه واستمر معه في عمله، فهذا يبطل العمل بلا شك؛ لأن الأحاديث جاءت فيه صريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما إذا كان الرياء كثيراً أو كان هو الباعث على العمل فهذا يكون من الشرك الأكبر، ولكن هذا لا يقع للمسلم، المسلم لا يبعثه على العمل الرياء، وإنما يكون هذا للمنافق، نسأل العافية، كما أخبر الله جل وعلا عن المنافقين بقوله:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}[النساء:١٤٢]، ومن علامة ذلك أنهم إذا كانوا عند الناس جدوا في العمل وأدوه، وإذا صاروا وحدهم لم يعملوا، فهذا من صفات المنافقين، أما المسلم الموحد فإنه لا يقع منه ذلك، وإنما يخاف عليه الرياء اليسير، أي: الشرك الأصغر.
[المسألة الثالثة: أنه من الشرك الأصغر.
المسألة الرابعة: أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين].
وذلك أن الخطاب وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، وأصحابه هم أصلح الأمة على الإطلاق، فإذا خافه صلوات الله وسلامه على أصحابه فغيرهم أولى أن يخاف عليهم، ولهذا قال: إنه يخاف منه على الصالحين.