[المسألة الثامنة: تفسير {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة:١٦٦].
المسألة التاسعة: أن من المشركين من يحب الله حباً شديداً].
هذا على القول الصحيح، فإنهم يحبون أندادهم كحب الله، يعني: أن الحب عندهم صار مقسماً بين الأنداد وبين الله، وهذا هو الشرك الذي حرم الله جل وعلا على صاحبه الجنة إذا مات عليه؛ لأن الحب يجب أن يكون لله، وليس هذا هو الحب الطبيعي.
وسبق أن قسمنا الحب إلى أقسام: منه ما هو حب خاص، وهو الذي يقتضي الذل والتعظيم والخضوع؛ فهذا يجب أن يكون لله وحده ولا يجوز أن يكون لغيره، وهذا هو الذي أشرك فيه المشركون؛ لأنهم يخافون من معبوداتهم، ويودونها، وينتصرون بها، ويطلبون نصرها، كما قال أبو سفيان لما كان مشركاً يوم أحد، لما انتهت الوقعة وصار يصوت بأعلى صوته: أفيكم فلان؟ أفيكم فلان؟ إلى أن قال: أعل هبل، أعل هبل، أعوذ بالله! فقال لهم الرسول:(أجيبوه، قالوا: ماذا نجيب؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل)، ثم قال: العزى لنا ولا عزى لكم.
هكذا يعتزون بأوثانهم وأصنامهم، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:(أجيبوه، قالوا: ماذا نقول؟ قال: قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم)، والعزى لا تفيد أحداً، فالمقصود أنهم كانوا يودونها ويعظمونها ويجعلون لها من الحب ما هو لله جل وعلا، ويحبون الله ولكن حبهم لله لا يفيدهم، وتوزيع حب الله بين الله وبين غيره من المخلوقات من الشرك الأكبر، وهذا الحب يجب أن يكون خالصاً لله ليس لأحد فيه شيء، والذي أوجبه جل وعلا هو حبه وحده محبة الذل والتعظيم والخضوع، وهو معنى قول: لا إله إلا الله، وهذه الكلمة هي التي يدخل بها الإنسان الإسلام، ومن كانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة، هذا إذا كان يعرف معناها وقالها بصدق.
[المسألة العاشرة: الوعيد على من كان الثمانية أحب إليه من دينه].
لأنه قال جل وعلا:{فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:٢٤]، فمن كانت هذه الثمانية أحب إليه من الله ورسوله وجهاد في سبيله فإنه متوعد بالعذاب العاجل، وهو الذي دل عليه قوله:(فتربصوا) يعني: انتظروا، (حتى يأتي الله بأمره) يعني: بعذابه الذي يصيبكم به، وكذلك هو من الفاسقين؛ لأنه قال جل وعلا:(والله لا يهدي القوم الفاسقين).
[المسألة الحادية عشرة: أن من اتخذ نداً تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر].