للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إنما الطاعة بالمعروف]

وبين أن الطاعة بالمعروف فقال: (لا طاعة إلا بالمعروف)، والمعروف: هو الدين الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم على سرية من السرايا أميراً وحث على طاعته، فقال: (من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني) ثم إنه في أثناء السفر غضب الأمير على من معه، فقال لهم: اجمعوا لي حطباً فجمعوا الحطب، فقال: أججوا فيه ناراً، فأججوا النار فقال: ألم يأمركم الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعتي؟ قالوا: بلى، قال: ادخلوا في النار، قالوا: لا ندخل في النار، من النار فررنا! فبقوا هكذا حتى طفئت النار وذهب غضبه، ثم لما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا له ذلك، فقال: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً، إنما الطاعة بالمعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق}.

إذاً: فهذه الآية غير مخالفة للآية التي ترجم بها المؤلف رحمه الله، يعني: أن الطاعة التي أمر بها لذوي الأمر إنما هي في طاعة الله جل وعلا، أما إذا كانت في معصية الله فلا يطاع.

إذاً: فكل مخلوق سواء كان والدك أو من هو دونه إذا أطعته في معصية الله فأنت عاصٍ وقد اتخذته إلهاً من دون الله، وإن لم تسجد له وتدعوه؛ لأن من خصائص الله جل وعلا التي لا يجوز أن ينازع فيها: الأمر والنهي والتحليل والتحريم، ولذلك صار من فعل ذلك واتبع عليه صار رباً، وهذا هو سر التعبير بالأرباب في الآية: اتخذوهم أرباباً؛ لأن الرب هو الذي يأمر وينهى وهو الذي يحلل ويحرم، ولا يجوز لمخلوق أن يحلل شيئاً أو يحرم شيئاً فإذا وقع ذلك من مخلوق ثم اتبع عليه فقد اتخذ رباً من دون الله جل وعلا.

ومعلوم أن هذا الأمر مناف للتوحيد ولذلك أراد المؤلف رحمه الله أن يبين هذا الأمر حتى يكون الإنسان على بينه ولا يقع في الخطأ أو في مناقضة التوحيد.