قال الشارح: [قوله: (لعله إذا رد بعض قوله) أي: قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك) نبه رحمه الله أن رد قول الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لزيغ القلب، وذلك هو الهلاك في الدنيا والآخرة كما قال تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[الصف:٥]].
معنى زاغوا: عدلوا عن الدليل وعدلوا عن القول الذي قيل لهم ومالوا، فالزيغ: هو الميل والعدول، زاغ عنه: إذا مال عنه وعدل عنه وتركه قصداً، {أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[الصف:٥]، يعني: جعلها كارهة للحق قابلة للباطل جزاءً وفاقاً؛ لأن الجزاء من جنس العمل، قال جل وعلا:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[الأنعام:١١٠]، أي: جزاء أنهم لم يقبلوه أول مرة، وهذا واضح في أن من ترك الحق من أول وهلة يكون عقابه إزاغة القلب وعدم القبول، ويكون الإنسان ضالاً بذلك نسأل الله العافية وهذا أمر خطير جداً.
وعلامة المسلم أن يكون مستسلماً لقول الله جل وعلا ومنقاداً له ومتبرئاً من الشرك وأهله؛ لأن هذا هو الإسلام، فالإسلام: هو الاستسلام والطاعة والانقياد والخلوص من الشرك وتوابعه وأهله، ولا يكون الإنسان ناجياً، حتى يقبل الحق ممن قاله وإن كان عدواً له، فإذا جاء الحق وجب قبوله.