[السابعة: التصريح بوقوعها، أعني: عبادة الأوثان في هذه الأمة في جموع كثيرة].
كما جاء نصه في حديث ثوبان:(حتى يلحق فئام من أمتي بالمشركين، وحتى يعبد قبائل من أمتي الأوثان) هذا نص صريح، وهذا فيه الرد على من يعبدون الأولياء والقبور وغيرها ويقولون: نحن نقول: لا إله إلا الله، ومن قال: لا إله إلا الله فهو في الجنة، يأتون بمتناقضات، يقولون: لا إله إلا الله وهم لا يعرفون معناها، ولا يعملون بما دلت عليه، فوقعوا في التناقض، ويستدلون بأشياء مجرد شبه، فيتمسكون بها ويقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، ويغفلون عن المعنى، فمعنى لا إله إلا الله: أن يكون القائل لها معبوده الله وحده، يعني: لا يتوجه بالعبادة والتعلق والرجاء والخوف إلا إلى الله جل وعلا وحده.
وكذلك يقولون: إنه جاء في الحديث: (إن الشيطان أيس أن يعبد في جزيرة العرب) وسبق أن معنى هذا: أن الشيطان أيس أن يعود أهل الجزيرة كما كانوا في الجاهلية، ولكن هذا لا ينافي أنه يقع منهم شرك كما صح في الأحاديث الصحيحة:(إنها لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة) وذو الخلصة صنم في الجزيرة في بلاد دوس، يعني: تطوف النساء عابدةً لها، فهذا لا يخالف ما ذكر، فيجب على الإنسان أن يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قال قولاً فإنه لا يخالف قولاً له آخر قد يتصور الذي ليس عنده علم أنه خلاف هذا، فأقواله كلها تتفق صلوات الله وسلامه عليه، كلها يصدق بعضها البعض وهذا الواجب، كذلك قول الله جل وعلا، ولكن قد يخفى المعنى على بعض الناس، فإذا خفى المعنى يجب أن يسأل من يعلم، وألا يتهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه متناقض، أو يأخذ ما يوافق هواه، أو يوافق الوضع الذي هو عليه، فإنه ليس هذا شأن المؤمن، شأن المؤمن أن يبحث عن مراد الرسول صلى الله عليه وسلم فيعمل به، ومراد الله جل وعلا فيعمل به، فيعلم أن الدين لله وحده، فهو لا يأمر بعبادة أحد من الخلق؛ لأن هذا الأصل الذي جاءت به الرسل كلها، فإذا قال قائل: إن هذا يجوز؛ دل على أنه إما جاهل وإما متبع لهواه ومذهبه.