للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل الذنوب مقدرة؟]

السؤال

كيف نوفق بين القضاء والقدر بسبب الذنوب، وبين القضاء والقدر الذي يكون من عند الله سبحانه وتعالى؟

الجواب

قد يكون السائل يقصد هل الذنوب مقدرة أو غير مقدرة؟ أو هل سبب الذنوب من الإنسان؟ أفعال الإنسان مقدرة بلا شك، ولكن الإنسان له اختيار وقدرة وإرادة، فإذا فعل شيئاً بإرادته واختياره فهو مسئول عنه، وإن كان ذلك مقدر، ولا ينافي أن الله جل وعلا قدر على الإنسان الذنب، وأنه فعله بقدرته واختياره، فلا منافاة، فإذا كان السائل يسأل عن هذا فالأمر واضح فأقول: إن الله جل وعلا خلق الإنسان عاقلاً، وبين له طريق الهدى من طريق الردى، وبين له الخير والشر، وأمره بأوامر محددة يستطيع أن يفعلها، ونهاه عن مناه معينة يستطيع أن يتركها، ثم وكل الأمر إليه وقال: هذا طريق الخير إذا سلكته فلك الجزاء الأوفى، وإن تركته فعليك العقاب، وأنت معرض لعذاب الله، فقد وكل الأمر إليه، فإذا فعل ذلك يكون قد استحق الجزاء بفعله؛ لأنه بإرادته واختياره، وإن لم يفعله فقد عصى واستحق العقاب، والأمور كلها مقدرة.

ولكن: ما معنى التقدير؟ هل معنى التقدير أن الله أجبره على هذا الشيء وقصره عليه وألزمه به؟ لا.

ولا يجوز أن نفهم هذا.

التقدير معناه: أن الله علم أن هذا المخلوق سيوجد، وأنه سيفعل كذا وكذا بقدرته وإرادته واختياره، وهو الذي خلق المخلوق، وخلق إرادته وقدرته ومقدرته، وجعل ذلك إليه، فإذا فعل شيئاً فهو يقع عن قدرة الله وعن مشيئته التي جعلها للإنسان، فقد جعل الله للإنسان قدرة واختياراً وإرادة، فالإنسان ليس هو الذي يجعل في نفسه القوة، ولا الذي يجعل في نفسه الإرادة، ولكن الله هو الذي جعلها فيه.

إذاً: هو الذي خلق فعله ولكن جعله إليه باختياره.

وعلى هذا نقول: إذا آمن العبد فهو المؤمن حقيقة، وإذا صام فهو الصائم حقيقة، وإذا صلى فهو المصلي حقيقة، وليس الله تعالى وتقدس، وإن كان هذا مقدراً، وكذلك إذا كفر وإذا عصى فبذلك يستحق العقاب أو يستحق الثواب، فليس بين اختيار الإنسان وإرادته وفعله وبين تقدير الله معارضة، هذا هو الجواب إذا كان السائل يقصد هذا.