للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر مخالفة أمر النبي عليه الصلاة والسلام]

من ترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على خطر عظيم، بل يجوز أن يكون في جهنم، فقد جاء ما يؤيد هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء في قصة فتح خيبر قضيتان كلاهما تؤيد هذا: الأولى: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما خرج من المدينة قال لمن معه: (من كان معه بعير ضعيف أو صعب فليرجع) يعني: من كان معه بعير ضعيف أو صعب لا يستطيع أن يتحكم به فليرجع.

فأبى رجل كان معه بعير صعب أن يرجع، فشرد به فسقط فاندق عنقه، فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقال: (ماله؟ قالوا: كان على بعيرٍ صعب.

فقال لـ بلال: ألم آمرك أن تؤذن في الناس: من كان معه بعير ضعيف أو صعب فليرجع؟ فقال: بلى.

أذنت فيهم.

فقال: لا أصلي عليه.

ثم قال: لا يدخل الجنة من عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم).

الثانية: لما حضر القتال مع اليهود في خيبر صف أصحابه وقال: (لا يقاتلن أحد منكم حتى آمره)، فخرج يهودي ليبارز فانتدب له واحدٌ من المسلمين فقتله اليهودي، فقالوا: شهيد.

فجاؤوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (هل قتل بعد ما قلت: لا يقاتلن أحد؟ قالوا: نعم.

قال: لا يدخل الجنة من عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فكيف إذا جاء أمر صريح واضح جلي وخالفه مسلم؟! فإنه على خطر عظيم، فالأمر ليس سهلاً، وكثير من الناس يتساهل في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب على المسلم أن يعظّم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أمر أي أحد من الخلق، وأن يمتثل أمره ويجتنب نهيه، وإلا فهو على خطر عظيم، فكيف بالذي يخالفه صراحة وعناداً لأجل أن مذهبه لا يتبنى هذا القول فقط؟ فمعنى ذلك أنه قدم إمامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كان كذلك يجوز أن يذهب به يوم القيامة إلى جهنم ويقال له: اتبع ما كنت تعظمه.

ففي يوم القيامة كل من كان يتولى شيئاً يؤتى به فيساقان معاً إلى جهنم.

قوله في هذا الحديث: (إنه ليس بينها وبين الله حجاب) معناه: إن الله قريبٌ سميعٌ، إذا دعاه المظلوم استجاب دعوته.

وأوقع في الظالم هذه الدعوة التي صدرت من المظلوم.

وهذا يدلنا على أن الظلم وإن كان قليلاً فإن الله يستجيب للمظلوم؛ لأن كون الساعي الذي أُمر بأخذ الصدقة يأخذ شاة حسنة جميلة وقد أمر أن يأخذ شيئاً متوسطاً، فهذا أظلم والفرق ليس كثير، فيمكن أن الفرق شاة فقط؛ لأن بعض الشياه تساوي اثنتين، فكون مثل هذا ظلم، مع أنه لا يأخذها لنفسه وإنما يأخذها للفقراء، ومع ذلك يكون ظالماً يستحق أن الله يستجيب لمن أُخذ منه ذلك ويوقع به عقابه، فكيف بالذي يظلم الناس ظلماً صريحاً ليس له فيه شبهة؟ فهذا أحق بأن يعاقب، وأحق بأن يُجاب للمظلوم عليه، وهذا في الواقع محاربة لله جل وعلا، ومن يحارب الله فإن الله يغلبه تعالى الله وتقدس.