للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقد السحرة للخيوط ونفثهم فيها]

قال الشارح رحمه الله: [هذا الحديث ذكره المصنف من حديث أبي هريرة وعزاه للنسائي، وقد رواه النسائي مرفوعاً، وحسنه ابن مفلح.

قوله: (وللنسائي) هو الإمام الحافظ أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار أبو عبد الرحمن صاحب السنن وغيرها، روى عن محمد بن المثنى وابن بشار وقتيبة وخلق، وكان إليه المنتهى في العلم بعلل الحديث، مات سنة ثلاث وثلاثمائة، وله ثمان وثمانون سنة رحمه الله تعالى.

قوله: (من عقد عقدةً ثم نفث فيها فقد سحر)، اعلم أن السحرة إذا أرادوا عمل السحر عقدوا الخيوط ونفثوا على كل عقدة حتى ينعقد ما يريدون من السحر، قال الله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق:٤] يعني: السواحر اللاتي يفعلن ذلك، والنفث: هو النفخ مع الريق، وهو دون التفل، والنفث: فعل الساحر، فإذا تكيفت نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة، نفخ في تلك العقدة نفخاً معه ريق، فيخرج من نفسه الخبيثة نَفَسٌ ممازج للشر والأذى مقارن للريق الممازج لذلك، وقد يتساعد هو والروح الشيطانية على أذى المسحور فيصيبه بإذن الله الكوني القدري لا الشرعي، قاله: ابن القيم رحمه الله تعالى.

قوله: (ومن سحر فقد أشرك) نص في أن الساحر مشرك؛ إذ لا يتأتى السحر بدون الشرك كما حكاه الحافظ عن بعضهم.

قوله: (ومن تعلق شيئاً وكل إليه) أي: من تعلق قلبه شيئاً بحيث يعتمد عليه ويرجوه وكله الله إلى ذلك الشيء، فمن تعلق على ربه وإلهه وسيده ومولاه رب كل شيء ومليكه؛ كفاه ووقاه وحفظه وتولاه، فنعم المولى ونعم النصير، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:٣٦].

ومن تعلق على السحرة والشياطين وغيرهم من المخلوقين وكله الله إلى من تعلقه فهلك.

ومن تأمل ذلك في أحوال الخلق ونظر بعين البصيرة رأى ذلك عياناً، وهذا من جوامع الكلم.

والله أعلم].