قوله:(إن الحق في المسألة واحد) هذا هو مذهب أهل السنة؛ لأن المصيب واحد من المجتهدين وليس كل مجتهد مصيباً، فالحق لا يتعدد؛ لأن الحكم في المسألة واحد فقط، ولا يمكن أن يفتي في المسألة الواحدة عدد من الناس فتاوى مختلفة ثم يكون كل واحد مصيباً، بل لابد أن يكون المصيب واحداً فقط والبقية مخطئون، ولكن إذا كان للإنسان أهلية اجتهاد واجتهد حسب استطاعته فقال: المسألة كذا وكذا وأخطأ فإنه يغفر له خطؤه ويثاب على اجتهاده، هذا إذا كان أهلاً للاجتهاد، أما إذا كان ليس أهلاً للاجتهاد فهو مخطئ على كل حال وآثم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر).
الأول والأجران هما: أجر الاجتهاد فيثاب على اجتهاده، وأجر الإصابة، فيثاب لكونه أصاب الحق، أما إذا أخطأ فإنه ليس له إلا أجر الاجتهاد والخطأ معفو عنه.
أما إذا كان ليس أهلاً للاجتهاد فإنه وإن أصاب فهو مخطئ، مثل الذي يقول في القرآن برأيه فهو مخطئ وإن أصاب، جاء في الحديث:(من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار).
فالمقصود: أن الصواب واحد وليس كل مجتهد مصيباً، بل المصيب من المجتهدين واحد والحق لا يتعدد، ولهذا ذكر الله جل وعلا أن صراطه واحد:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣]، فجعل غير صراطه سبلاً متعددة كثيرة، وصراطه واحداً في جميع المسائل، وهذا هو قول أهل السنة، أما الذين يقولون كل مجتهد مصيب فهم أهل البدع، وهو خطأ، والأدلة على خلاف ذلك.