السبب في هذا أنهم تركوا كتاب الله وسنة رسوله، وأخذوا بعقولهم وأهوائهم؛ فأصبحوا يقيسون الله جل وعلا على خلقه، فقالوا: نجد المحبة فينا كالميل إلى الملائم.
يعني: إذا أحب الإنسان شيئاً فهو يحبه لميله إليه، وهذا فيه حاجة، فإذا أثبتنا المحبة لله لزم من ذلك أن نثبت له حاجة، والله يتعالى ويتقدس أن يكون كذلك، فزعموا أن هذا هو أصل إنكارهم؛ لئلا يشبهوا الله جل وعلا.
المسألة في الواقع أنهم فروا من شيء زعموه، ووقعوا فيما هو شر منه، ومعلوم أن صفات الله جل وعلا لا تشبه صفة المخلوقين، فإذا أحب عباده فليس لأنه يحتاج إليهم، وليس لأنه جل وعلا بحاجة إلى خلقه، فهذا من إحسانه وكرمه، وصفته سبحانه لا تشبه صفة المخلوقين، كما أن ذاته جل وعلا لا تشبه ذوات المخلوقين.