للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنزيه الله عز وجل من دلائل حسن التوحيد]

[ومنها: أن من دلائل حسن التوحيد أنه تنزيه لله تعالى من المسبة].

هذا مأخوذ من قوله: ((وسبحان الله))، ولهذا كثيراً ما يأتي تنزيه الله مقروناً بما يتعالى ويتقدس عنه مما يفعله المشركون، كما قال تعالى: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الطور:٤٣]، وقال: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون:٩١]، أي: عن وصفهم أن الله له شريك.

ولو لم يقولوا هذا الكلام ففعله كذلك، فهذا دليل على أن التسبيح هنا المقصود به تنزيه الرب جل وعلا عما يفعله كثير من الخلق مما يتعبدون به، حيث إنهم يتجهون إما إلى حجر أو إلى شجر أو إلى وثن من الأوثان أو إلى غير ذلك، وهذا مسبة وتنقص لله جل وعلا، لهذا أخبر جل وعلا أنهم لم يقدروا الله حق قدره فقال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧] بعد قوله: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:٦٥ - ٦٦]، ثم قال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر:٦٧] يعني: الذين وقعوا في الشرك ما قدروا الله وما عرفوا قدره، وما عرفوا عظمته، فجعلوا له شريكاً في الحق، والشريك في الحق يعني: في حقه الذي أوجبه على الخلق ولهذا يحتج الله جل وعلا عليهم بذلك.