قال الشارح رحمه الله: [قوله: (الشرك بالله) هو أن يجعل لله نداً يدعوه ويرجوه ويخافه كما يخاف الله، بدأ به؛ لأنه أعظم ذنب عصي الله به، كما في الصحيحين عن ابن مسعود سألت النبي صلى الله عليه وسلم:(أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك) الحديث.
وأخرج الترمذي بسنده عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فقال له صاحبه: لا تقل: نبي إنه لو سمعك لكان له أربع أعين، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن تسع آيات بينات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنةً، ولا تولوا للفرار يوم الزحف، وعليكم خاصة اليهود ألا تعدوا في السبت، فقبّلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبي) الحديث، وقال: حسن صحيح.
] قالا: نشهد أنك نبي ولكنهما لم يؤمنا، فبقيا على يهوديتهما، وهذا يدلنا على أن الكفر عند اليهود -نسأل الله السلامة- متأصل، وأن قلوبهم مملوءة بالحقد وبغض الإسلام والمسلمين، وإلا فهم مثل ما أخبر جل وعلا يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ولكن الحسد منعهم من متابعته، فهم يحسدون الناس على فضل الله الذي آتاهم؛ لأنهم يريدون أن يحصروا فضل الله فيهم.
والحسود عدو النعم، وليس له علاج -نسأل الله العافية- إلا الهلاك، يحرقه حسده في الدنيا قبل أن يصل إلى النار.
والمقصود أن هؤلاء يشهدون أنه نبي ومع ذلك يكفرون به ولا يتابعونه، بل يبغضونه ويبغضون من يتابعه، فأي شهادة هذه؟ إن هذه الشهادة وبال عليهم نسأل الله العافية.