وقوله:(ولا هامة)، الهامة جاء فيها تفسيران: أحدهما: أن المقصود بالهامة: البومة، الطائر المعروف الذي يكون في الخرابات ويأتي في الليل، وقد يقع على الحيطان أو على البيوت، فكانت العرب تتشاءم به أشد الشؤم، وإذا وقع على بيت أحدهم قالوا: نعى إلينا أنفسنا أو نعى إلينا أحدنا، وأنه سوف يموت واحد منهم؛ فأبطل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فقال:(لا هامة) يعني: ما كان يعتقده الكفار بالهامة، وما يعتقده أهل الجاهلية في ذلك لا حقيقة له، فأبطله عليه الصلاة والسلام، وقد يكون من باب النهي عن فعل ما يفعله أولئك؛ لأن شأن المؤمن غير شأن المشرك.
والتفسير الثاني: أن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أو بعضهم: أن الإنسان إذا قتل مظلوماً ووضع في قبره يخرج من هامته طائر، فلا يزال يصيح ويقول: اسقوني اسقوني على قبري، حتى يؤخذ بثأره ويقتل قاتله، أما إذا لم يقتل قاتله، فإنه لا يزال كذلك، هذا شيء كان يعتقده بعض العرب.
فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا لا حقيقة له، والمعنيان كلاهما صحيح، وكلاهما منهي عن اعتقادهما أو فعلهما.