للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترجمة معاذ بن جبل رضي الله عنه]

قال الشارح رحمه الله: [وهذا الحديث في الصحيحين من طرق، وفى بعض رواياته نحو مما ذكره المصنف.

ومعاذ بن جبل رضي الله عنه هو ابن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن، صحابي مشهور من أعيان الصحابة، شهد بدراً وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم والأحكام والقرآن رضي الله عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (معاذ يحشر يوم القيامة أمام العلماء برتوة) أي: بخطوة، قال في القاموس: والرتوة: الخطوة، وشرف من الأرض، وسويعة من الزمان، والدعوة، والفطرة، ورمية بسهم، أو نحو ميل، أو مدى البصر، والراتي: العالم الرباني.

انتهى.

وقال في النهاية: إنه يتقدم العلماء برتوة أي: برمية سهم، وقيل: بميل، وقيل: مدّ البصر، وهذه الثلاثة أشبه بمعنى الحديث.

مات معاذ سنة ثماني عشرة بالشام في طاعون عمواس، وقد استخلفه صلى الله عليه وسلم على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم].

لما حضرت معاذاً الوفاة صار رضي الله عنه يسأل هل أصبحنا؟ فلما قيل له: نعم، قال: (أجلسوني، ورفع يديه وقال: اللهم إنك تعلم أني أحبك، وأني لا أحب البقاء في الدنيا لشق الأنهار وغرس الأشجار، وإنما لظمأ الهواجر ومزاحمة العلماء بالركب، اللهم إني أعوذ بك من ليلة صبيحتها إلى النار)، هكذا حال أهل الخوف وأهل التقى، فهو رضي الله عنه مع ورعه وخوفه من الله جل وعلا وحبه له وإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يحبه يقول: أعوذ بك من ليلة صبيحتها إلى النار؛ لأن المسلم يحسن ويخشى ربه، بخلاف المسيء فإنه يسيء ويأمن؛ لأنه جاهل بالله جل وعلا، أما المحسن فإنه يعلم قدر الله، ولهذا يقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨]، فأهل الخشية هم أهل العلم، وهكذا كان إخوانه من الصحابة رضوان الله عليهم.