معنى كون الشرك مسبة لله أن يجعل مع الله من يُدعى ومن يُرجى ومن تُطلب منه الشفاعة؛ لأن الله أخبرنا أنه مالك كل شيء، وليس لأحد معه تصرف، كما قال سبحانه:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}[سبأ:٢٢] فنفى أن يكون لهم ملك في السموات والأرض، وهذا عام في جميع المدعوين من دون الله، ثم نفى أن يكونوا شركاء للمالك بهذا القدر، ثم نفى أن يكونوا معاونين أو مساعدين للمالك، فماذا بقي؟ لم يبق إلا الشفاعة، فنفاها وقال:{وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سبأ:٢٣]، فكون الإنسان يدعو غير الله جل وعلا ويطلب منه الشيء الذي يطلب من الله أو بعضه يكون بهذا قد تنقص الله جل وعلا، وقد جعل ما هو حق الله للمخلوق الضعيف، وهذا هو معنى مسبة الله جل وعلا، والإنسان يؤذي ربه بكونه يجعل له شريكاً، لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا أحد أصبر على أذىً سمعه من الله، يدعون له ولداً ويرزقهم ويعافيهم) يدعون له شريكاً ويرزقهم ويعافيهم! أليس هذا عجيباً؟! والله جل وعلا لا يفوته شيء، فمرجعهم إليه، وسوف يجازيهم بما يستحقون، كما قال سبحانه:{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}[الغاشية:٢٥ - ٢٦]، ثم بعد المحاسبة إما ثواب وإما عذاب.