للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالولاء والبراء]

كل من خالف وارتكب معاصي الله جل وعلا عمداً فإنه ممن حاد الله، والإنسان حده أن يكون عبداً لله، فإذا خرج عن عبودية الله فقد خرج عن حده.

فالطاعة لها حد، والمعصية لها حد، والشرع له حدود، فكلما كان الإنسان ممتثلاً لأمر الله جل وعلا فإنه واقف عند حدود الله، أي: أنه عبد لله تعالى ما فعل الواجب وترك المحرم، أما إذا فعل المحرمات وترك الواجبات فإنه قد ارتكب حدود الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه)، الحدود هي التي حرمها الله، وجعلها علامات ظاهرة.

وإذا كان الإنسان يصادق على المحرمات، ويوالي عليها؛ فمعنى ذلك أنه صار شبيهاً بالشيطان تماماً؛ لأن الشيطان خرج عن طاعة الله جل وعلا لمعصيته، وصار يدعو إلى المعصية، وينهى عن الطاعة.

ومعلوم أن أمر الله جل وعلا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليس صعباً على النفوس إذا اهتدت وانقادت، وإنما يصعب عليها إذا كانت مطيعة للشيطان، ومتبعة لهواها، والواقع أنه سهل، ولكن هناك أمور يزينها الشيطان، كونه يقول: لم تعادي الناس، وتكثر عليك الأعداء؟ الأفضل أنك تكثر من الأصدقاء، أما كونك تعاديهم بأن تأمرهم بشيء يكرهونه أو تنهاهم عن شيء يحبونه، فهذا مما يجلب عداوتهم، قد يخوف الشيطان العبد بهذا، ويدعي أنك إذا أمرتهم أو نهيتهم أو أخبرتهم أنك تكرههم على هذا الشيء؛ أنهم يجلبون لك الأذى، وينتقمون منك.

والناس في هذه الحياة لابد لهم من الأذى، سواء كانوا مؤمنين أو كافرين؛ لأن هذه الحياة خلقت على الأكدار، ولهذا أخبر الله جل وعلا أن الناس إذا قالوا: آمنا، فإنهم يبتلون ويفتنون حتى يظهر صدق قولهم، ويكون صدقهم ظاهراً بارزاً، أو أنهم ينتكسون ويعرف أنهم غير صادقين، ولكن العاقبة في الدنيا والآخرة للمؤمنين، لكن لا بد أن يحصل الابتلاء أولاً، فقد يبتلى الإنسان بأهله وبأولاده، وقد يبتلى بوالده وبأخيه وقريبه، وقد يبتلى بالبعيدين، فيكون ذلك تمحيصاً وزيادة لحسناته، أو انتكاساً وفتنة، ولابد للإنسان أن يصبر على هذا، ويعلم أن الوقت ليس طويلاً، وأنه خارج من هذه الدنيا، ثم إذا كان الإنسان صابراً على أمر فإن الله يحمد عقباه، وإذا كان بخلاف ذلك يندم ندامة لا تفيد ولا تجدي.