للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسائل باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين]

قال المصنف رحمه الله: [فيه مسائل: الأولى: أن من فهم هذا الباب وبابين بعده، تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب].

هذا الباب والذي قبله والبابان اللذان بعده؛ كلها بمعنى واحد، ولكن المؤلف رحمه الله نوع الأدلة، ونوع الكلام، وأبدى فيه وأعاد؛ لأن الخطأ فيه عميق وكثير، حتى يفهم الإنسان، ومعلوم أنه بتنويع الكلام وترديده يفهم الناس أكثر مما لو كان مرة واحدة، وهذا الخطر لا يزال قائماً بين الناس من عبادة القبور والتبرك بها، والعكوف عندها، وقصدها لطلب النفع ودفع الشر، فهذا لا يزال في الناس، وهذا أعظم ما وقع من النقص في الدين؛ ولهذا أكثر المؤلف من ذكر النصوص في الباب الذي قبل هذا، وفي هذا الباب، وبابين بعده.

[الثانية: معرفة أول شرك حدث في الأرض أنه بشبهة الصالحين].

المقصود بشبهة الصالحين شبهة حبهم، ولا يعني أن الصالحين مشبهون وملبسون على الناس، ليس هذا المراد، ولكن المقصود أنه لبس الحق بالباطل، فزعموا أنهم يحبون الصالحين، وكان هذا هو الباعث لهم أولاً، فصوروا صورهم، ونصبوها في مجالسهم التي كانوا يجلسونها للتعبد، زاعمين أن في هذا تذكيرهم وتنشيطهم على العمل الذي كان يعمله أولئك، فبقوا على هذا وقتاً كما سبق، ثم بعد ذلك جاء الجيل الذي بعدهم، ونسي السبب الذي من أجله نسبت الصور، ودب إليهم الشيطان فقال لهم: إن آباءكم صوروا هذه الصور للتبرك بها، والتوسل بها، وطلب شفاعتها، وجعلها وساطة بينكم وبين رب العالمين، لتسألوا بها؛ فوقعوا في الشرك، هذا معنى قوله: بشبهة الصالحين، يعني: بشبهة حبهم، وكل هذا سببه البدع، فإن هذا أمر مبتدع، ولو التزموا ما جاء به أبوهم آدم عليه السلام ولم يحيدوا عنه ما وقعوا في شيء من ذلك.

[الثالثة: أول شيء غير به دين الأنبياء، وما سبب ذلك، مع معرفة أن الله أرسلهم].

هذه نفس المسألة، يعني بالتصوير والعكوف على الصور.