[وجه الدلالة في آية مسجد الضرار على تحريم الذبح لله في مكان المعصية]
قال الشارح:[قوله: باب: لا يذبح بمكان يذبح فيه لغير الله تعالى.
لا: نافية ويحتمل أنها للنهي وهو أظهر] إذا قيل: إنها نافية فهي تتضمن النهي، وقد يكون النفي الذي يتضمنه النهي أبلغ كما قال الله جل وعلا:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ}[البقرة:٨٤] فلا في الآية لا تصلح أن تكون ناهية، وإنما هي نافية، ومع ذلك فهي أبلغ في النهي كما قال أهل البيان.
قال: [وقوله: وقول الله تعالى {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا}[التوبة:١٠٨] الآية قال المفسرون: إن الله تعالى نهى رسوله عن الصلاة في مسجد الضرار، والأمة تبع له في ذلك، ثم إنه تعالى حثه على الصلاة في مسجد قباء الذي أسس من أول يوم بني على التقوى، وهي طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وجمعاً لكلمة المؤمنين، ومعقلاً ومنزلاً للإسلام وأهله].
امتثل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، فكان يزور مسجد قباء كل سبت ماشياً وراكباً، وقد جاء في الترغيب في ذلك قوله:(من توضأ في بيته ثم خرج إلى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين فكأنما أتى بعمرة)، وهذا أمر ينبغي أن ينتهز، فالعمرة هي الحج الأصغر، والحج بنوعيه الأصغر والأكبر، أمره عند الله جل وعلا وكبير.
وقد جاء أن من حج لله مخلصاً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وهنا ينبغي الامتثال لأمر الله جل وعلا حيث قال:((لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ)).