قال الشارح: [وقوله: (عزيز عليه ما عنتم) أي: يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها؛ ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(بعثت بالحنيفية السمحة)، وفي الصحيح:(إن هذا الدين يسر) وشريعته كلها سمحة سهلة كاملة يسيرة على من يسرها الله عليه].
وكلمة حنيف معناها مبتعد عن الشرك، مبتعد عنه قصداً مع العلم والقوة، ولهذا قالوا: إن هذا الدين الذي جاء به الرسول هو أشد الأديان وأعظمها في مسألة الشرك، ولكن في الشرع وأعمال الفروع هو أسمح الأديان وأسهلها، أما في العقيدة فهو أشدها وأعظمها، يبعد عن الشرك ووسائله، فالحنيف غير السمح السهل.
إبراهيم عليه السلام كان حنيفاً يعني: بعيداً عن أن يقع في شيء من الشرك، تاركاً للشرك قصداً، مائلاً إلى توحيد الله جل وعلا وإخلاص العمل له وحده، فهكذا هذه الأمة على هذا النهج، أما في الشرائع فإنها سهلة وسمحة، فهي أيسر الشرائع كلها، وعرف من الأمثلة الشيء الكثير، فإن بني إسرائيل كانت عليهم آصار وأغلال في شرائعهم، كانوا لا يصلون إلا في بيعهم وكنائسهم، وإذا خرج الإنسان من ذلك المكان فلابد أن يرجع إليه ويصلي فيه، وكان أحدهم إذا أصاب ثوبه نجاسة ما يكفي أن يغسله، لا بد أن يقرضه بالمقراض ويلقيه، وهذا من الآصار، وحرمت عليهم أشياء من الأطعمة، وحرم عليهم أشياء كثيرة أحلت لهذه الأمة تسهيلاً وسماحة من الله جل وعلا، ومن القواعد التي يذكرها العلماء وتؤخذ من كليات الشرع: المشقة تجلب التيسير، كل شيء يشق على الناس فلا بد أن يكون الدين جاء بتيسيره وتسهيله، وهذه قاعدة جعلوها أصلاً يرجعون إليها.