للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان صفات المنافقين، وأنهم أخبث من اليهود والنصارى]

قال الشارح رحمه الله: [وفي ما قاله الشعبي ما يبين أن المنافق يكون أشد كراهة لحكم الله ورسوله من اليهود والنصارى، ويكون أشد عداوة منهم لأهل الإيمان، كما هو الواقع في هذه الأزمان وقبلها من إعانة المنافقين العدو على المسلمين، وحرصهم على إطفاء نور الإسلام والإيمان].

المنافقون في هذه الأزمنة والأزمنة الآتية والموجودة والماضية هم العدو، كما سماهم الله جل وعلا العدو فقال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:٤].

والنفاق: هو إبطان الكفر وإظهار الوفاق؛ أي: أنه مع المسلمين، ثم هو يعمل على اجتثاث الإسلام وإبطاله وإذلال أهله، ويكون مع الكفار في كل مناسبة وفرصة، وهم كثيرون وأنواع، والله جل وعلا جلى صفاتهم في سورة (براءة) فكثيراً ما يقول: (ومنهم) فيصفهم بأن منهم كذا، ومنهم كذا حتى افتضحوا، وكذلك في سورة (المنافقون)، كما يقول جل وعلا فيها: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ) يعني: لهم مناظر جميلة وحسنة وثياب نظيفة وأبهات {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون:٤] يعني: أنهم عندهم فصاحة وبلاغة يلفتون النظر والأسماع إلى ما يقولون، يقول جل وعلا: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:٤].

ومن علامة ذلك أنهم لا يبالون بالشيء الذي يفعلونه، وأنهم يرون المعاصي -كما يقولون-: حرية، وأن الإنسان حر يفعل ما يشاء، وأنها مباحة لا بأس بفعلها، بل يتنقصون الإنسان إذا نهاهم عن ذلك، ويقولون: أنت لم تطلع على ما عليه المدنية وما عليه الناس، ولا تزال متحجراً.

وأوصافهم كثيرة جداً، وينبغي للإنسان أن يعرفهم؛ لأنهم لا يخلو منهم مكان، نسأل الله السلامة والمعافاة من ذلك، ومع ذلك الإنسان قد يكون عنده صفة من هذه الصفات، وقد يخفى عليه ذلك؛ لأن صفات النفاق مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)، فهذه أمور ظاهرة، فمن اتصف بشيء منها فعنده شيء من النفاق العملي الظاهر، وهناك شيء باطن لا يظهر يكون في القلب، ولكن العمل يكون دليلاً عليه، وهو بغض الحق وبغض أهله، وهذا من أعظم الصفات، إذا كان الإنسان مبغضاً للحق ومبغضاً لأهل الحق، ومحباً للباطل ومحباً لأهل الباطل، فهذا من أعظم صفات النفاق الاعتقادي الذي يكون صاحبه خالداً في جهنم، بل يكون في الدرك الأسفل من النار تحت الكفار، نسأل الله العافية.