للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب قول الله تعالى: (أفأمنوا مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون]

قال المصنف رحمه الله: [باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:٩٩].

قصد المصنف رحمه الله بهذه الآية التنبيه على أن الأمن من مكر الله من أعظم الذنوب، وأنه ينافي كمال التوحيد، كما أن القنوط من رحمة الله كذلك؛ وذلك يرشد إلى أن المؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء كما دل على ذلك الكتاب والسنة وأرشد إليه السلف والأئمة.

ومعنى الآية: أن الله تبارك وتعالى لما ذكر حال أهل القرى المكذبين للرسل، بين أن الذي حملهم على ذلك هو الأمن من مكر الله وعدم الخوف منه، كما قال تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:٩٧ - ٩٩]، أي: الهالكون؛ وذلك أنهم أمنوا مكر الله لما استدرجهم بالسراء والنعم، فاستبعدوا أن يكون ذلك مكراً.

قال الحسن رحمه الله: (من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له).

وقال قتادة: (بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سلوتهم ونعمتهم وغرتهم، فلا تغتروا بالله).

وفي الحديث: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج)، رواه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم.

وقال إسماعيل بن رافع: من الأمن من مكر الله: إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة.

رواه ابن أبي حاتم، وهذا هو تفسير المكر في قول بعض السلف: (يستدرجهم الله بالنعم إذا عصوه ويملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهذا هو معنى المكر والخديعة ونحو ذلك.

ذكره ابن جرير بمعناه].