فقوله:(إذا أراد الله بعبده الخير)، إرادة الخير هنا رحمته والإحسان إليه حتى يكون يوم القيامة ناجياً من النار، فيعجل له جزاء أعماله التي عصى الله بها، ويكون ذلك عقاباً له وكفارة يكفر عنه بالعقوبة التي تصيبه، سواء كانت العقوبة في بدنه من مرض أو ما أشبه ذلك، أو في ماله أو في أهله، فكل ما يتصل به من المصائب يكون عقوبة لما فعل، وهذا مطلق، فكل إنسان لا يصاب بشيء إلا بما عمل من جراء عمله، كما قال الله جل وعلا:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:٣٠]، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}[فاطر:٤٥]، يعني: لو أن الناس يؤاخذون بجراء أعمالهم لأهلكوا عاجلاً.
وقد جاء في الأثر:(أن رجلاً من الأنصار أثر عليه المرض حتى صار كالفرخ، فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: هل كنت تدعو بشيء؟ قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما أردت أن تعاقبني به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، قال: سبحان الله! أنت لا تستطيع ذلك، ولكن اسأل ربك العافية)، وهذا يدلنا على أن الإنسان لا ينفك من المعاصي، ولا ينفك من التقصير دائماً، وعفو الله أعم وأشمل، ولكن هناك ذنوب كثيرة، وبعضها يكون عن جرأة وعمد لابد أن يعاقب عليها، وإذا أريد بالعبد خيراً عجل عقابه، سواء كان العقاب إقامة حد من الحدود التي يرتكبها -لأن إقامة الحد كفارة- أو كان مصيبة تصيبه في بدنه أو في ماله أو غير ذلك.