قال الشارح رحمه الله تعالى:[أي: من الوعيد، والمراد: نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء، والأنواء: جمع نوء، وهي منازل القمر].
وسمي النوء لأنه ينوء إذا طلع، يعني: يظهر ويبين، أو ينوء إذا غرب، يعني: يختفي ويذهب، والنوء من الأضداد، مثل: عسعس إذا اختفى، وعسعس إذا بان، وكذلك ناء إذا ظهر وبان، وناء إذا غرب واختفى، فيجوز أن يضاف النوء إلى الغروب، ويجوز أن يضاف إلى الطلوع، وكلها لغة عربية معروفة؛ لأن كلام العرب له أنواع شتى، منها: الأضداد، فنوء هنا تطلق على الضدين: على الطلوع، وعلى الأفول، فالنوء معناه: الفعل الذي يضيفونه إلى الكوكب، سواء كان غروباً أو طلوعاً، والكوكب لا يفعل بنفسه، وإنما هو مدبَّر مسيَّر بأمر الله جل وعلا، جعله الله آية من آياته.
قال الشارح رحمه الله: [قال أبو السعادات: وهي ثمان وعشرون منزلة، ينزل القمر كل ليلة منزلة منها، ومنه قول الله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}[يس:٣٩]، يسقط في الغرب كل ثلاثة عشر ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلتها ذلك الوقت من المشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون المطر، وينسبونه إليها ويقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وإنما سمي نوءاً؛ لأنه إذا سقط الساقط منها ناء الطالع بالمشرق، أي: نهض وطلع].