للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقائد النصارى الضالة في عيسى عليه السلام]

قوله صلوات الله وسلامه عليه: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم) النصارى مدحوا عيسى عليه السلام بأشياء مكذوبة، فقالوا: إنه ابن الله، أو إنه الله، أو إنه هو وأمه والله آلهة، وإلى الآن يقولون: الأقانيم الثلاثة، والأقنوم مرة يفسرونه بمعنى، ومرة يفسرونه بشخص، ومرة لا يدرون ما هو، ولو سألت أحدهم: هي أو الأقانيم الثلاثة، فكثير منهم لا يدري ما هي، وكثير منهم يفسرها بأشياء لا تعقل، وقد يقول: هو اجتماع اللاهوت بالناسوت، فاللاهوت دخل وحل في الناسوت، أي أن الإله حل في الإنسان، تعالى الله وتقدس.

ثم منهم من يقول: اليسوع هو الذي جاء لإنقاذ البشرية، وهو الذي قدم نفسه فداء حتى يتحمل ذنوب الناس، وهو الإله، وقد كان في رحم أمه تسعة شهور، ثم خرج من فرجها صبياً رضيعاً يحتاج إلى من يقوم عليه، ومن يجلب له الأمر الذي به حياته، ثم يأكل ويشرب، ثم يأتي بلازم ذلك، ثم يتسلط عليه اليهود على حد زعمهم حتى يمسكوه ويصلبوه على خشبة ويقتلوه، تعالى الله عن قولهم، أين عقولهم؟ عقول سخيفة جداً؛ ولهذا لعنهم الله بذلك، {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:٧٣] أو {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:١٧] وأخبر أن هؤلاء كفروا بالله جل وعلا.

وعلى كل حال يحذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نسلك مسلك هؤلاء المتطرفين، ولكن الأمة الإسلامية ليس فيها من يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الله، أو هو إله مع الله بهذه الصراحة، ولكنهم أعطوه بعض من المعاني التي هي لله جل وعلا، فادعوا أنه يعلم الغيب، وادعوا أنه يجيب من دعاه ومن ناداه، وأنه من تعلق به نجاه من عذاب الله، وأنه من استغاث به يغيثه، ولو كان الله غاضباً على ذلك المستغيث، وأشياء من هذا القبيل، فأعطوه المعاني فقط، وأما ما يقوله النصارى فإنهم تركوا القول به لظهور الكفر فيه، والشيطان يقنع بهذا، وهذا المعنى يكفي عنده.