قال الشارح رحمه الله: [قوله: (إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت)، والعبد وإن كانت له مشيئة فمشيئته تابعة لمشيئة الله، ولا قدرة له على أن يشاء شيئاً إلا إذا كان الله قد شاءه، كما قال تعالى:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:٢٨ - ٢٩] وقوله: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان:٣٠]))].
ومعلوم أن الذي يقول هذا القول ليس قصده أن مشيئة المخلوق كمشيئة الخالق؛ هذا لا يخطر ببال عاقل من العقلاء، وإنما الذي ينكر مجرد الجمع بين مشيئة الله ومشيئة المخلوق؛ لأن الجمع يقتضي تشريكاً فقط، يعني: أن مشيئة المخلوق تشارك مشيئة الخالق ولو مشاركة ضعيفة، فنهي عن هذا وجعل ذلك من الشرك، هذا هو الذي دل عليه الحديث.
أما كون الإنسان له مشيئة ومشيئته جعلها الله جل وعلا مملوكة له، فهذا لا ينكر وهذا معلوم، ولكن هذه المشيئة ضعيفة تناسب ضعف المخلوق، فلا يجوز أن يجمع بينها وبين مشيئة القادر على كل شيء رب العباد جل وعلا، يجب أن يكون العبد عبداً لله موحداً منزهاً لله عن جميع المشاركة حتى في الألفاظ التي توهم مجرد مشاركة ولو ضعيفة حتى يكون عبداً لله حقاً.
والرسول صلى الله عليه وسلم جاء بكمال التوحيد فبين جميع ما يجب على العبد أن يفعله أو يقوله، وكذلك جميع ما يجب أن يمتنع منه.