قال:(وآمركم أن تذكروا الله كثيراً)، وضرب لذلك مثلاً، وقال: مثل الذكر كمثل رجل طلبه العدو، ثم تحصن بحصن منيع، فلم يستطع الوصول إليه، ومعنى ذلك: أن الذكر حصن يتحصن به الإنسان من الشيطان.
وقد ذكر الله ذلك في القرآن أن العدو قسمان: قسم مشاهد يواجه ويرى.
فهذا يمكن أن يدافع، وقسم غير مرئي وغير مشاهد، فقال للمشاهد:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:٣٤]، فهذا العدو المشاهد الإنسان، يعني: أن علاجه أنك تدفعه بالإحسان إليه إذا أساء إليك، فإن هذا يجعله لك صديقاً حميماً حبك وتذهب العداوة، هذا علاج ولكن هذا كما قال الله جل وعلا:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:٣٥] أي: حظ من العلم والحلم والدين والتوفيق من الله جل وعلا؛ لأنه صعب على النفوس أن تحسن إلى من أساء إليها، ولكن أثره حسن جيد جميل؛ لأنه يجعل العدو صديقاً.
القسم الثاني: ذكره جل وعلا في قوله: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}[الأعراف:٢٠٠]، فهذه طريقة التحصن من الشيطان فالاستعاذة من الشيطان بذكر أسماء الله وصفاته والتحرز بها منه، وهذا كثير جداً في القرآن وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذه الخمس التي أمر بها يحيى عليه السلام قومه، نحن مأمورون بها أيضاً، ولم تأت هذه مجرد حكاية وإنما لنعمل به؛ لأنه جاء على لسان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه يأمر بهذه الخمس التي هي: عبادة الله وحده.
وهي دين الرسل كلهم، وكذلك الصدقة، والصوم، وذكر الله جل وعلا، والصلاة وعدم الالتفات فيها، وهذه كلها نحن مأمورن بها.