للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التطير ومعناه]

قال المصنف رحمه الله: [باب ما جاء في التطير.

قوله: باب ما جاء في التطير، التطير: هو فعل الإنسان الذي يصدر منه، مستدلاً بما يقع له من فعل الطير، ويلحق به الحيوانات وكلام الناس، وما يشاهد من أفعالهم؛ فإنه إذا تشاءم بهم يكون متطيراً.

وسيأتي أن الطيرة شرك، والشرك من أكبر الذنوب وأعظمها، ولكن شرك الطيرة شرك أصغر، والشرك الأصغر لا يخرج الإنسان من الإسلام، غير أن كثيراً من العلماء يقولون: إنه لا يغفر، بل لابد من أن يعاقب صاحبه؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨]، فجعل المغفرة لما دون الشرك، وقوله: (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يدخل فيه جميع أنواع الشرك: أكبره وأصغره، هذا هو دليل الذين يقولون: إن الشرك -وإن كان صغيراً- لابد أن يعاقب عليه الإنسان، ولا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة، فإذا تاب الإنسان -ولو كان شركه شركاً أكبر- فإنه يغفر له، ولكن إذا مات بدون توبة فإنه لا يغفر، وذلك أن الذنوب -ما عدا الشرك- إذا مات الإنسان عليها بدون توبة فإن أمره إلى الله إن شاء غفر الله له بدون عقاب، وإن شاء عاقبه عليها، أما الشرك المذكور في الآية ففي الآية دلالة على أنه لا يغفر لصاحبه، وإذا كان لا يغفر فإنه يعاقب عليه، فعلى هذا يكون الشرك عظيماً وإن كان صغيراً، فيجب أن يجتنب وأن يحذر منه.

وقد تكون الطيرة من الشرك الأكبر؛ وذلك إذا كان المتطير يعتقد أن الطير أو غيره هو الذي يجلب النفع ويدفع الضر.

أما إذا كان يعتقد أن هذا سبب، وأن الله ربط النفع والضر بهذه الأسباب، وأن ذلك لم يكن سوى دليل على وقوع المقبول أو وقوع المحذور، فإن هذا يكون من الشرك الأصغر.