للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات)]

قال الشارح رحمه الله [وذكر حديثاً في معنى هذه الآية الكريمة، وهو ما في مسند الإمام أحمد، عن الحارث الأشعري: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أمر يحيى بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات: أن يعمل بهن، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، وإنه كاد أن يبطئ بها، فقال له عيسى عليه السلام: إن الله أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهن، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن؛ فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن، فقال: يا أخي! إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي.

قال: فجمع يحيى بن زكريا بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وقُعد على الشرف، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن لله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن: أولاهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، فإن مثل ذلك كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده، فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك؟! وإن الله خلقكم ورزقكم؛ فاعبدوه ولا تشركوا به شيئاً.

وآمركم بالصلاة، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده مالم يلتفت، فإذا صليتم فلا تلتفتوا.

وآمركم بالصيام، فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صُرة من مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك، وإن خَلوف فم الصائم أطيب عند الله من المسك.

وآمركم بالصدقة؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدّوا يديه إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال لهم: هل لكم أن أفتدي نفسي منكم؟ فجعل يفتدي بالقليل والكثير حتى فَكَّ نفسه.

وآمركم بذكر الله كثيراً؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعاً في أثره، فأتى حصناً حصيناً فتحصن فيه، وإن العبد أحصنُ ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله.

قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا آمركم بخمسٍٍ الله أمرني بهن: الجماعة، والسمع والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل لله؛ فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثى جهنم.

قالوا: يا رسول الله! وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، وزعم أنه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائهم التي سماهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين عباد الله)]