للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال الإنسان مع نعم الله]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فيه مسائل: الأولى: تفسير الآية].

ليست آية واحدة، بل عدد من الآيات في القرآن تبين جحود الإنسان، كما قال الله جل وعلا: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج:٢٠ - ٢١] فهذه حقيقة الإنسان، فأخبر الله جل وعلا أنه إذا أنعم على الإنسان فإنه يتكبر، ويتجافى عن طاعة الله، وينسى الاعتراف بها، وإذا مسه الضر فإنه يكون جزوعاً، وفي هذه الآية أنه ينسبها إلى نفسه: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [فصلت:٥٠]، والرحمة عامة تشمل صحة البدن، وتشمل كثرة المال، وغير ذلك من نعم الله جل وعلا، فربما يقول: هذه أنا أستحقها، أو ربما يقول: أنا حصلتها بكسبي وبعملي وبقوتي، فيكون بذلك كافراً بنعم الله، وهذا جاء في آيات كثيرة في القرآن، كقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [الزمر:٨]، وهذا يبين طبيعة الإنسان التي خلق عليها، وجنس الإنسان، وهكذا إلا من استثناهم الله جل وعلا من أهل الإيمان وأهل الطاعة، فهم قد خرجوا من هذا، أما من عداهم فإنه موصوف بذلك.

[المسألة الثانية: ما معنى: (ليقولن هذا لي)؟].

سبق كلام السلف فيها، فمنهم من قال: (هذا لي) يعني: حصلته بكسبي وبقوتي، أو بمعرفتي بطرق الكسب، ومنهم من قال: أي: أنا مستحق له، ومنهم من قال: أي: أنا شريف وأنا حظيظ، فالله أعطاني لشرفي أو لحظي عنده، أو أنا محظوظ عند الله، وكل هذه الأقوال تعود إلى معنى واحد وهو أن ينسب النعمة إليه، ويجحد نسبتها إلى ربه جل وعلا.

[المسألة الثالثة: ما معنى قوله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص:٧٨]؟].

(أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) إما أن يكون المعنى: علم صدر مني بوجوه المكاسب ومعرفتها، فأنا أستطيع أن أتصرف وأستطيع أن أعمل كذا، أو يكون المعنى: أن الله علم أني أهل لذلك فأعطاني هذا، إما هذا أو هذا.